خطوات للتحكم بالعصبية الزائدة
عندما نتحدث عن العصبية فنحن غالبًا نتحدث عن سلوك معظم الأشخاص، فمن منا لا يمر بحالة من العصبية والضيق والغضب في حياته اليومية بسبب الضغوطات التي يتعرض لها سواء في العمل أو المنزل أو حتى في المواقف التي نتعرض لها في الطُرق العامة، أظن أنه لا يوجد شخص لا يمر بلحظات من العصبية حتى إن كان يستطيع التحكم في مشاعره وأفعاله.
ما هي العصبية؟
العصبية هي شعور طبيعي وصحي مثل باقي المشاعر كالفرح والحزن والخوف والقلق، ولكن عندما تتجاوز حدها الطبيعي تكون "عصبية زائدة" وفي هذا الوقت لا تكون العصبية مجرد مشاعر طبيعية نُفرغ بها عن أنفسنا بشكل صحي، بل قد تكون مُصيبة وكارثة، فقد تُسبب العصبية الزائدة الكثير من الأمراض الجسدية والنفسية للشخص نفسه، وتؤثر على قراراته واختياراته بشكل غير صحيح أثناء المواقف التي يكون فيها هذا الشخص في زيادة عصبية، كما أنها تؤثر على حالته النفسية وعلاقاته بالآخرين، وقد يصل الأمر إلى حد الأذى.
هل تصل العصبية إلى القتل؟
في الفترات الأخيرة نسمع عن الكثير من العنف والشجارات التي تحدث وتصل إلى حد القتل حتى بين الأزواج، والعجيب أن هذا الأمر يحدث في ليلة وضحاها.
فمنذ فترة سمعنا عن زوج قتل زوجته بعد أن كانت حياتهم جميلة ومستقرة وكان الجيران يشهدون لهم بهذا، ولكن عندما رجعنا إلى أصل الحكاية دون الدخول في تفاصيل، وجدنا أن الأمر حدث بينهم في البداية بشجار بسيط تسبب في العصبية الزائدة للزوج حتى فقد السيطرة على نفسه ولم يشعر بنفسه إلا بعد أن غرس السكين في قلب زوجته دون قصد، وانتهى الأمر بقتل زوجته بسبب العصبية الزائدة، وغيرها من القصص الواقعية التي حدثت وما زالت تحدث بسبب العصبية الزائدة.
إن لم تكن العصبية الزائدة بهذه الخطورة فلما تشغل هذا الحيذ الكبير من الحديث عنها في كل مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام.
هل العصبية مرض وراثي؟
كثير من الأشخاص يُرجعون سبب عصبيتهم الزائدة إلى آبائهم وأجدادهم فهم يظنون أنها وراثية من الدرجة الأولى ولا دخل لهم بها بل يجعلون هذا السبب مُبرر لأخطائهم التي تقع بسبب عصبيتهم، ولكن في الحقيقة أن معظم الخبراء اتفقوا على أن العصبية هي سلوك مُكتسب ما لم يرتبط الأمر بإحدى الاضطرابات المرضية كاضطراب الثنائي القطب أو اضطرابات بعض الأمراض العقلية والاضطرابات الوراثية الأخرى.
كما أشار بعض الاستشاريين بأن نسبة كبيرة من الأشخاص الذين يتعرضون للعصبية الزائدة تكون عصبيتهم بسبب ضغوطات الحياة والمعيشة، فالعصبية بالنسبة لهم هي الوسيلة التي يفرغون بها غضبهم وعصبيتهم ويبررون بها تصرفاتهم المؤذية.
ما هي أسباب العصبية؟
ذكرنا أن العصبية في أصلها شعور كباقي المشاعر مثل الفرح والحزن والخوف فهي شعور صحي يُعبر به الإنسان عن غضبه وعصبيته وبالتالي يخرج هذه المشاعر ليصبح أكثر راحة وهدوء، ولكن عندما تزيد الأشياء عن حدها فهي تنقلب إلى ضدها، فعندما تزيد العصبية عن حدها لا تكون صحية بل تكون مؤذية لصاحبها وللآخرين، وتختلف حدة العصبية من شخص لآخر مع اختلاف أسبابها، وقد ترجع أسباب العصبية إلى الآتي:
- قد ترجع لبعض العوامل الوراثية المرتبطة بالحالة الدماغية بسبب الاضطرابات المرضية والوراثية.
- نسبة كبيرة جدًا من العصبية الزائدة تكون بسبب ضغوطات الحياة بشكل عام.
- اكتساب العصبية بسبب التربية وسط أجواء عائلية كثيرة العصبية.
- المتطلبات والضغوطات الزائدة على الشخص.
- اضطرابات الإدمان للمواد المُخدرة كالكحول والمخدرات وغيرها.
- الشعور بالخوف وعدم الأمان، وقلة الثقة بالنفس.
- الشعور بالرفض من الآخرين.
- أشار أحد استشاريين الطب النفسي إلى أن أسباب العصبية قد ترجع إلى بعض الاضطرابات النفسية، وتشمل 3 أسباب نفسية عصبية زائدة هي: "اضطرابات الشخصية الانفجارية، الشخصية الاندفاعية، مريض الاكتئاب.
- وجود مشكلات عضوية مثل نقص هرمون الغدة الدرقية قد يتسبب في العصبية الزائدة.
كيف أتحكم في عصبيتي؟
إذا أردت أن تتحكم في عصبيتك فعليك أولًا أن تعرف سببها، فإن كانت بسبب إحدى الاضطرابات المرضية أو الوراثية فمن الأفضل زيارة طبيب أو استشاري متخصص، أما إذا كانت مُكتسبة كما في الشائع فينبغي أن نبدأ بعلاجها والتحكم فيها منذ الصغر حتى لا يصل الأمر إلى العصبية الزائدة عند الجيل القادم، وحتى لا يتعرض أبنائك أو أهلك لنفس العصبية.
· بالنسبة للأطفال:
- يجب تعليم الأطفال منذ الصغر وتعويدهم على تقوية الروابط العاطفية وتقديم الحب والاحترام لهم حتى يتم تأسيسهم بصورة إيجابية، لذلك أيضًا على كل أب وأم أن يحافظوا على هدوئهم قدر المستطاع ليتجنبوا عدوة الأبناء بالعصبية.
- توفير بيئة داعمة سوية للأطفال، يتوافر فيها الأمان والاتزان بين أفراد الأسرة، وعدم قبول التقليل من الأطفال أو نقدهم من أحد ولا من الآباء أنفسهم، وتقديم الدعم النفسي لهم لتشجيعهم على الثقة بالنفس وعدم الخوف أو القلق وبالتالي يكونوا أسوياء في الكبر وقادرين على التحكم في عصبيتهم وأنفسهم.
· بالنسبة للكبار:
- إذا كنت واقعًا في العصبية الزائدة بسبب إحدى الأسباب التي ذكرنها من ضغوطات الحياة، فيجب أن تتفهم حياتك ومشاكلها بصورة واقعية وبدلًا من أن تقابلها بالعصبية، حاول أن تفكر في حلول ويمكنك أن تستعين بالمساعدة إن لم تستطيع وحدك.
- قم بممارسة الرياضة أو اشترك في بعض الأنشطة، فممارسة الرياضة تساعد على الاسترخاء وتستطيع من خلال الأنشطة إشغال وقتك ونفسك بأشياء تخرج فيها طاقتك وتُنفس فيها عن غضبك وعصبيتك بدلًا من أن تؤذي نفسك أو من حولك، وأيضًا قم بممارسة بعض تمارين التنفس، التي تساعد على الاسترخاء.
- ابتعد عن الأماكن التي تتسبب في غضبك وعصبيتك، وخصوصًا في الوقت الذي قد يحدث فيه مشكلة أو موقف يستفز غضبك، حتى لا يتفاقم الأمر ويزيد عن حده ليصل إلى أمر لا تعلم عاقبته بعد ذلك وتندم.
- اختيار الطريقة والوقت المناسب عند النقاش في الأمور الهامة والتي ينتج عنها عصبية في وسط المناقشة، حتى لا يغضب أحد المشاركين في النقاش.
- الإقلاع عن شرب المواد المُخدرة أو الكحوليات وحتى التدخين، فكل هذه الأشياء من أكثر المُسببات للعصبية الزائدة.
- ضبط مواعيد النوم الصحية، فحاول أن تنام وقت كافي يعيد للجسم صحته وحيويته وينصح بنوم حوالي 8 ساعات، مع النوم مبكرًا والاستيقاظ مُبكرًا.
- تناول الأطعمة الصحية والغذائية التي تحتوي على الفيتامينات التي يحتاج إليها الجسم، لأن الراحة الصحية سينتج عنها حالة نفسية سليمة وبالتالي تستطيع أن تتحكم في عصبيتك، والعكس أيضًا صحيح، لأن الحالة النفسية والصحية مرتبطتان ببعضهما.
- تقرب من الأشخاص الإيجابيين والمتفائلين، وحاول أن تبتعد عن الأشخاص الذي يؤثرون عليك بالسلب وبالإحباط.