تجربة الاحتضان بين الواقع والاستعدادت

 

تزوجت منذ 7 أعوام وكانت حياتي جميلة بكل ما فيها من فرح وحزن، لم يُقدر الحمل وإنجاب طفل وقال لي الأطباء ليس هناك أمل وحرمت من أن أكون أم، لم نعترض على قضاء الله وشكرناه على كل حال، ولكن كانت تمر علينا السنين وأنا أحمل ثقل في قلبي طوال الوقت، فما ذنب زوجي بأن يُحرم هو الآخر من أن يكون أب.

في كل مرة كنا نرى فيها طفل أرى في عينيه الحزن ولكن عندما كنت أتحدث معه كان يُخبرني أن هذا قدر وقضاء الله ولم يحرمنا الله من شيء، ولكن لكل شخص رزق بشكل وصورة مختلفه، فهناك من جعل الله رزقه في أطفاله وهناك من جعل الله رزقه في ماله وهناك من جعل الله رزقه عمله، وأنا جعل الله رزقي فيكِ أنتِ، فلا تتذمري من نصيبنا وقدرنا، كان يهون علينا الأيام بكلامه وأفعاله الطيبة ولكن ما زلت أريد أن أكون أم ويكون هو أب.

وفي إحدى الأيام كنت أجلس مع صديقة لي، وتحدثت معها في الأمر وأني لم أعد أحتمل عدم وجود أطفال في حياتي ولا أعرف ماذا أفعل وكيف أداوي هذا الشعور، كانت إجابتها سريعة فقالت: "احتضني طفل" ولكن لم تخطر على بالي الفكرة في يوم، فكيف سوف نحتضن طفل بسهولة، كيف سأقول لزوجي وكيف سنخبر أهلنا وكيف سنواجه المجتمع وكلام الناس الذي لا ينتهي، كيف سنستطيع أن نواجه كل هذه الأمور معًا، مائة كيف وكيف شغلت بالي عندما فكرت في الأمر، ونحن بحاجة فعلًا إلى احتضان طفل. 

ولكن ماذا أفعل

نعلم أن الأمور ليست بالسهولة التي نتحدث بها عنها، ونعلم أن لكل خطوة ألف حساب وخصوصًا إن كانت تتعلق بمصير إنسان، كنا وما زلنا نشجع وندعم فكرة الاحتضان، فبالإضافة إلى الأجر العظيم في الدنيا والآخرة، الشعور المختلف للسعادة في إحياء طفل من جديد لتكون له أنت الأب والأم وليكون هو يعيش وسط العائلة والأسرة التي يحلُم بها كل طفل، لتقدم له الدفء والاحتواء والحب والرعاية والتربية التي يحتاج إليها كل شخص ليحيا حياة كريمة تؤهله ليكون إنسان وسوي نفسيا وصحيًا ويرقى ويرتقي بوجوده المجتمع.

تجربة حقيقية 

أن تهب حياة لطفل فقد شعوره بالحياة، فهذا أفضل شعور وإحساس يمكن أن يراودك يومًا، وحتى إن لم يكن لديك مشكلة في الإنجاب، فزيادة الخير خيرين.

سألنا إحدى الأمهات المُحتضنة عن تجربتها في كفالة واحتضان طفلة، وكيف يمكن أن يستعد كل شخص يفكر في احتضان طفل، وكيف أتت فكرة الاحتضان لها، وعن رأي زوجها والصعوبات التي واجهوها من حولهم، وكيف أخذوا الخطوة واستعدوا لها،وكيف كانت مشاعرها عندما أخذت الطفل في حضنها أول مرة؟


عرضنا عليها الأسئلة وكانت إجابة كل سؤال كالتالي:

1-    كيف جاءت فكرة الاحتضان لكِ؟

كنت متطوعة في إحدى الأمكان وكنا نذهب دائما لزيارة دور الأيتام، وشغلت بالي فكرة أن أكفل واحتضن طفلا منذ هذا الوقت ولكن لم تسمح لي الفرصة إلا بعد أن تزوجت وأنجبت وأصبح لدي بدلًا من الطفل اثنين، وقررت أن احتضن الثالث كما كنت أحلم.

2-    ما رأي زوجك؟  

الحمدلله استطعت أن أقنع زوجي بالفكرة وتعاملنا مع الموضوع ببساطة كأن الله رزقنا بطفل ثالث مثلما رزقنا من قبل، وسيرزقنا بقدر وجودهم فلكل طفل رزقه الذي يأتي معه والله خير معين.

3-    ما هي الصعوبات التي واجهتها من الأهل ومن حولك؟

لم يكن الأمر بالصعوبة الكبيرة لأن أهلنا يعرفون ثواب وجزاء هذا الأمر، ولكن من الطبيعي أن يكون هناك بعض الاعتراضات، فكان اعتراضهم على لماذا تأتون بطفلة من الشارع وتربوها وسط أطفالكم ولماذا تُحملون أنفسكم وطاقتكم بطفل ثالث ولقد رزقكم الله باثنين أنتم لستم بحاجة لوجود أطفال أخرى والأولى أن تتركوا هذا الأمر من لم ينجب أو لمن يحتاج لطفل، ولكنهم في النهاية أخبرونا بأن هذا القرار يخصنا والأمر يرجع لنا في اتخاذه.

وبالنسبة لباقي الناس فهم لا يشغلون بالنا من الأساس، وفي نفس الوقت  لن نسمح لأحد بمضايقتها، وسأعمل دائمًا في تربيتها على احتوائها وعلى تعزيز ثقتها بنفسها.

4-    كيف أخذتم الخطوة وتأهلتم نفسيًا ؟

في البداية سألنا الكثير من الأخصائيين النفسيين كيف نستعد لاحضار الطفلة وخصوصًا في وجود أولاد معنا فكيف نؤهلهم لمعرفة الوضع الجديد، وعندما قمنا بإخبارهم قلنا لهم أن هناك طريقة أخرى لوجود أخوة لنا وهي عن طريق أخوة الرضاعة، فهناك بيت للأطفال الذين فقدوا أهلهم وأختكم الجديدة سوف تكون بنت من هذا البيت ستعيش وتتربى معنا وسترضعها "ماما" فستكون أخت لكم ومنكم، وبعد ذلك كنا نتشارك معهم أي أخبار جديدة ونخبرهم بها ليشاركوا معنا بحب، فكانوا يتابعون معنا خطوة بخطوة.

5-    ما هو شعورك عند احتضان الطفلة؟

عندما رأيتها واحتضنتها لأول مرة وجدتها تُشبه ابني، وشعرت أنها ابنتي وأنا من أنجبتها حقًا. 

وفي نهاية الحديث قمنا بتحيّتها على هذه الخطوة الرائعة، ونشُجع وندعم كل من يفكر في اتخاذ هذا القرار

فلا تخافوا ولكن تصرفوا بحكمة وخذوا كل احتياطاتكم واستعينوا بالله وخذوا الخطوة كما فعلت صديقتنا.